شعرت آية بلسعة برد ساعات الصباح الأولى ...هي تحب الإبكار كالعصافير ... ستقضي اليوم كاملا في الجامعة و سرعان ما سيصبح الجو دافئا في مثل هذا الوقت من الصيف .
]كانت السنة على وشك نهايتها و قد قضتها متعلقة بمادة الأدب المعاصر حيث كان الأستاذ يقص على طلبته رواية عنوانها (عرس الزين)
كانت لهذه الرواية نكهة مختلفة و تأثيرا غريبا على نفسية آية
كانت الرواية تتحدث عن( نعمة)و هي أجمل فتاة في القرية و التي تتزوج ( الزين) ابن عمها الذي بلغ من الذمامة حدا لا يوصف .
]كانت آية تنظر الى بطلة روايتها بطريقة مختلفة و لعلها تأثرت بها لدرجة لا يمكن تصديقها حتى باتت ترى نفسها فيها و كأنها رسمت لها ملامح فتى الأحلام ...فتى غير كل الفتيان .
]كانت آية آية في الحسن و الأدب و لم يكن يعنيها أي شاب لأنها كرهت منذ أدركت مقدار جمالها أن ينظر الرجال اليها من الخارج و تمنت لو صادفت شخصا أعمى ،لكانت صدقت حبه بالتاكيد .
رواية نعمة فتحت عينا آية أكثر لما كانت تريده و سطرت لها خطوطا عريضة لمواصفات زوج المستقبل .
أقبل على نعمة خيرة شباب القرية لكنها رفضتهم كلهم و كذلك الأمر مع آية ...حلمت نعمة أن تكون رحمة لزوجها ...زوج قد يكون ارمل و له أولاد و يعجز عن تدبر حياته ...رجل قد يكون من ذوي الاحتياجات الخاصة و يحتاج الى وجودها معه ...رجل لا يمكنه الاستمرار الا بها ....و هكذا صارت أية تحلم و تختمر بعقلها صورة رجل ليس كالبقية .
]انقضت سنوات الجامعة و حصلت آية على وظيفة ممتازة في التعليم و حام حولها منذ الوهلة الأولى كل الزملاء و ردت الجميع بلطف شديد فذلك دأبها دائما.]
مضت
سنة و آية على حالها من الانضباط و حسن الخلق حتى وصل المعلم الجديد
....قالوا انه مسكين و الكل تعاطف معه و لم تتبين آية علة اهتمامهم به حتى
قدم اليهم على كرسيه المتحرك يكابده بمشقة فهو لم يخلق بعاهة بل تعرض لحادث
منذ شهور قليلة و لعله لم يتعود بعد على وضعه الحالي و لا على السيطرة على
كرسيه.
]اصطدمت آية بهذا الشاب و أحست أنه كل ما تريد و راحت توليه اهتماما مثيرا للغاية و لم تكترث لأحد على الاطلاق .
]دعاها ذات يوم للغذاء فاستجابت
بلا تردد....التقيا ...نظر كل منهما الى الآخر ...هو في حيرة و هي في ثبات
...سألها في حرج :أعرف أنك تهتمين لأمري ، لكن أخبريني بالضبط ماذا تريدين
مني ؟ احنت رأسها قليلا و أجابته :أريد الزواج منك.
زالت علامات الحيرة منه فجأة و قال : تريدين غسل عارك بي ،تريدين مني أن أتستر على خطيئتك ، لا تحلمي بهذا أبدا .
رفعت
آية رأسها نحوه و قد تحولت علامات الحيرة الى غضب ...وقفت في شموخ ...رفعت
يدها اليه...أمسكت عن صفعه بالقوة ...و غادرت تاركة اياه و قد ارتسمت في
وجهه آلاف من علامات الحيرة و الندم حين أدرك أنه ارتكب اكبر حماقة في حياته